مقتطفات رائعة

| |



مقتطفات رائعة من كتاب اللطائف لابن الجوزي


إياك والذنوب فإنها أذلت أباك بعد عز ‏ «‏اِسجدوا‏»
‏ وأخرجته من أقطار«‏اسكُن‏» .‏ ‏ مذ سبى الهوى آدم هوى دام حزنه فخرج أولاده العقلاء محزونين وأولاده السبايا أذلة. أعظم الظلمة ما تقدمها ضوء وأصعب الهجر ما سبقه وصل واشد عذاب المحب تذكاره وقت القرب .. كان حين إخراجه لا تمشي قدمه والعجب كيف خطا‏.



سابقة الأزل قضت لقوم بدليل ‏(‏سَبَقَت‏)‏ وعلى قوم بدليل ‏(‏غَلَبَت عَلَينا شِقوَتُنا‏)‏ فواأسفا أين المفر توفيق ‏(‏سَبَقَت‏)‏ نور قلوب الجن ‏(‏فَقالوا إِنّا سَمِعنا قُرآناً عَجَبا‏)‏ وخذلان ‏(‏غَلَبَت‏)‏ أعمى بصائر قريش فقالوا ‏(‏أَساطيرُ الأَولين‏) .‏ أهل الشمال في جانب جنون البعد وأهل اليمين في مهب شمال القرب ما نفعت عبادة ‏"‏ إبليس ‏"‏ و ‏"‏ بلعام ‏"‏ ولا ضر عناد السحرة‏.‏



سفر الليل لا يطيقه إلا مضمر المجاعة تجتمع جنود الكسل فتتشبث بذيل التواني فتزين حب النوم وتزخرف طيب الفراش وتخوف برد الماء فإذا ثارت شعلة من نار الحزم أضاءت بها طريق القصد فسمعت أذن اليقين هاتف‏:‏ هل من سائل نفس المحب في الليل على آخر نفس وفي المتعبدين قوة ‏( ‏ وهم يستغفرون).



صراخ الأطفال غير بكاء الرجال .. سهر الليل هودج الأحباب .. يوقظ نسيم الأسحار أعين ذوق الأخطار فلو رأيتهم وَقَد لاحَت *******ُ وَأنحَدَرَ النَّسرُ قد افترشوا بساط ‏ «‏ قيس ‏» وباتوا بليل «‏ النابغة ‏»
هَذا رِضاكَ نَفى نَومي فأَرَقَني فَكَيفَ يا أَمَلي إِن كُنتَ غَضبانا.
مازالوا على مطايا الأقدام إلى أن نم النسيم بالسحر وقام الصارخ ينعي الظلام فلما تمخض الدجى بحمل السحر تساندوا إلى رواحل الإستغفار‏.‏ وباتوا بليل ‏ ‏ إن ناموا توسدوا أذرع الهمم وإن قاموا فعلى أقدام القلق كأن النوم حلف على جفاء أجفانهم.





يا مؤخر توبته بمطل التسويف ‏(‏لأَي يَومٍ اُجِلَت‏)‏ كنت تقول‏:‏ إذا شبت تبت‏.‏
فهذي شهور الصيف عنا قد انقضت لو كان لسيف عن عزيمتك جوهرية لقيك موت الهوى تحت ظبته‏.‏
كل يوم تضع قاعدة الإنابة ولكن على شفا جرف كلما صدقت لك في التوبة رغبة حملت عليها جنود الهوى حملة فانهزمت إذبح حنجرة بالهوى بسكين العزيمة فما دام الهوى حيا فلا تأمن من قلب قلبك‏.‏
اجعل بكاءك في الدجى شفيعا في الزلل فزند الشفيع توري نار النجاح‏.‏
اكتب بمداد الدمع حسن الظن إلى من يحققه ولا تقنع في توبتك إلا بمكابدة حزن ‏"‏ يعقوب ‏"‏ أو بصبر ‏"‏ يوسف ‏"‏ عن الهوى فإن لم تطق فبذل إخوته يوم ‏(‏وَتَصَدق عَلَينا‏)‏‏.‏




مجاهدة النفس يا مقهورا بغلبة النفس صل عليها بسوط العزيمة فإنها إن عرفت جدك اِستأسرت لك وامنعها ملذوذ مباحها ليقع الإصطلاح على ترك الحرام فإذا صبرت على ترك المباح «‏فَإِما مناً بَعدُ وَإِما فِداء‏» ‏ الدنيا والشيطان خارجان عنك والنفس عدو مباطن ومن أدب الجهاد ‏ «‏قاتِلوا الَّذَينَ يَلونَكُم‏» ‏ إِن مالَت إٍلى الشَهوات فاكبِحها بِلِجامِ التَقوى وإِن أعرضت عن الطاعات فسقها بسوط المجاهدة وإن استحلت شراب التواني واستحسنت ثوب البطالة فصح عليها بصوت العزم‏.‏


واعجبا من أهل الرياء‏!‏ على من يبهرجون ‏(‏وَرَبُكَ يَعلَمُ ما تَكِنُ صُدورُهُم‏)‏ غلب على المخلصين الخشوع فجاء المرائي يبهرج فقيل‏:‏
مهلا فالناقد بصير لما أخذ دود القز ينسج جاء العنكبوت يتشبه فنادى لسان الحال الفاروق‏:‏
إِذا اِشتَبهت دُموعُ في خُدودٍ تَبينَّ مَن بَكى مِمَّن تَباكى.‏





الإخلاص مسك مصون في مسك القلب، ينبه ريحه على حامله، العمل صورة، والإخلاص روح، إذا لم تخلص فلا تتعب، لو قطعت سائر المنازل لم تكن حاجا إلا بشهود الموقف، ولا تغتر بصورة الطاعات،فإن خصم الإخلاص إذا جاء عند حاكم الجزاء ألزم الحبس عن القبول. سوق الإخلاص رائجة رابحة ليس فيها كساد، المخلص يعد طاعاته لاحتقارها عرضا، وقلم القبول قد أثبتها في حيز الجوهر، المخلص مبهرج على الحق بستر الحال، وببهرجته يصح النقد.



كما من مراء يتعب في تهجده فتفض ريح الرياء أوراق تعبده فتبقى أغصان العمل كالسلا وليس للشوك نسيم ‏(‏فَلَو صَدَقوا اللَهَ لَكانَ خَيرا لَهُم‏)‏‏.‏



من رأى تصرف الدهر انتبه، أما في الغير عبر، مهد الطفل عنوان اللحد، ريح نقع الأجل يقشع غيم الأمل، الشباب باكورة الحياة، والشيب رداء الردى، لو أن أيام الشباب تباع لبذلنا فيها أنفس الأنفس، متى أسفر صبح المشيب هوى نجم الهوى، إذا قرع المرء بباب الكهولة فقد استأذن على البلى، من عرف الستين أنكر نفسه، من بلغ السبعين اختلفت إليه رسل المنية.





فقرك من الخير مشوب بالكسل ومتى كان الفقير كسلان فلا وجه للغنى لو كانت لك أنفة من التواني لخرجت من ربقة الذل بعت قيام الليل بفضل لقمة شربت كأس النعاس ففاتتك رفقة ‏(‏تَتَجافَى جُنُوبُهُم‏)‏ امتلأت طعاما فإذا غريم الفراش يتقاضاك بدين النوم فضرب على أذنك لا في موافقة أهل الكهف تناولت خمر الرقاد فوقع بك صاحب الشرطة فعمل في حقك بمقتضى أنم وأرقم فجعل حدك الحبس عن قيام الليل فخرج على توقيع قصتك وقت الفجر ‏(‏رَضوا بِأَن يَكونُوا مَعَ الخوالِف‏)‏‏.‏




يا تائها في ظلمة ظلمه ياموغلا في مفازة تيهه يا باحثا عن مدية حتفه يا حافرا زبية هلاكه يا معمقا مهواة مصرعه بئسما اخترت لأحب الأنفس إليك‏.‏
ويحك‏!‏ تلمح الجادة فأنت في ظلال عين أملك ترى المحبوب وتعمى عن المكاره إذا كان عمرك في إدبار والموت في إقبال فما أسرع الملتقى كيف يبقى على حالته من يعمل الدهر في إحالته كيف تطيب الدنيا لمن لا يأمن الموت ساعة ولا يكتمل له سرور يوم كم قرع الزمان بوعظه فما سمعت ‏(‏لِيُنذِرَ مَن كانَ حَياً‏)‏ صاح ديك الإيقاظ في سحر ليل العبر فما تيقظت فتنبه إذا نعق غراب البين بين البين‏.‏




يا مؤثرا ما يفني على ما يبقى هذا رأي طبعك هلا استشرت عقلك لتسمع أنصح النصائح من كان دليله البوم كان مأواه الخراب‏.‏
ويحك‏!‏ شهوات الدنيا أحلام يزخر منها نوم الغفلة ونظر الجاهل لا يتعدى سور الهوى ولا يخرق حجاب الغفلة فأما ذو الفهم فيرى ما وراء الستر لاحت الشهوات لأعين الطباع فغمض عنها ‏(‏الَّذَينَ يُؤمِنونَ بالغَيب‏)‏ فوقع أكثر الخلق في التيه والقوم ‏(‏عَلى هُدى مِن رَبِهِم‏)‏‏.‏




حل الصالحون وفي القوم تثبط تالله لقد علموا شرف المقصد ولكن بعدت عليهم الشقة واأسفا‏!‏ لو عرفوا عمن انقطعوا لتقطعوا يصبحون في جمع الحكام ويبيتون على فراش الآثام وينفقون في الهوى بضائع الأيام ‏(‏أَولَئِكَ الَّذَينَ اِشتَروا الضَلالَةَ بِالهُدى‏)‏ سلمت إليهم أموال الأعمار فأنفقوها في ديار البطالة ‏(‏فَما رَبِحَت تِجارَتُهُم‏)‏ هذا والعبر تصيح ‏(‏فَهَل يَنتَظِرونَ إِلا مِثلُ أَيامِ الَّذَينَ خَلَوا مِن قَبلِهِم‏)‏ غير أن المسامع قد تملكها الصمم ويحهم‏!‏‏!‏ هلا تدبروا فساد رأي أمل ‏(‏وَأَن عَسى أَن يكونَ قَد اِقترَبَ أَجَلُهُم‏)‏ إن في الماضي للمقيم عبرة وليس المرء من غده على ثقة ولا العمر إذا مر يعود وغواري الليالي في ضمان الإرتجاع والدهر يسير بالمقيم فاشتر نفسك والسوق قائمة والثمن موجود ولا تسمعن حديث التسويف‏.‏




العاقل من استعد لما يجوز وقوعه كيف يغفل عما لا بد من كونه؟؟ زمن التردد قصير لا يحتمل التسويف.واعجبا لعمر لو ملىء بالزاد خيف عليه العوز، فكيف إذا تناهبته أيدي البطالة.واعجباه لمن ينشد وقد أضل نفسه، ولمن يشفق أن ينفق دراهمه وقد ضيع عمره.
كان "ثلاج" لا معاش له سوى بيع الثلج، فبقي عنده منه شيء، لم ينفق، فجعل يقول في مناداته:

ارحموا من يذوب رأسه ماله.
تطلب نيل العلى وما ارتقيت درج المجاهدة أتروم الحصاد ولم تبذر لولا إيثار ‏ «‏ يوسف ‏» «‏السِجنُ أَحبُ إِليّ‏» ‏ ماخرج إلى راحة ‏ «‏وَكَذلِكَ مَكَنَّا‏» .




لما قوم المؤمنون أنفسهم بالرياضة وقع عقد«‏إِنّ اللَهَ اِشتَرى مِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم بِأَنّ لَهُم الجَنَة‏» .
النفس لم ترض إذا لم ترض لأنها كلب عقور وإنما يراد الصيود لا العضوض‏.‏




إخواني ارفضوا الدنيا فقد رفضت من كان أشغف بها منكم اتعظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتعظ بكم من بعدكم الدنيا خمر ساعدها تغريد طائر الطبع فاشتد سكر الشاربين ففات موسم الريح ثم بعد الإفاقة يقام الحد فيقيم قائم الحزن ويكفي في الضرب فوت الخير فإذا ماتوا ويحك إن الموت سحاب والشيب وبله ومن بلغ السبعين اشتكى من غير علة والعاقل من أصبح على وجل من قرب الأجل يا هذا‏:‏ الدنيا وراءك والأخرى أمامك والطلب لما وراء هزيمة وإنما العزيمة في الإقدام جاء طوفان الموت فاركب سفن التقى ولا ترافق ‏"‏ كنعان ‏"‏ الأمل ويحك انتبه لإغتنام عمرك فكم يعيش الحيوان حيران‏.‏




يا هذا حب الدنيا أقتل من السم، وشرورها أكثر من النمل، وعين حرصك عليها أبصر من الهدهد،وبطن أملك أعطش من الرمل، وفم شرهك أشرب من الهيم، وإن خضت في حديثها فأنطق من"سحبان" وإن انتقدت دنانيرها فأنسب من "دغفل" حليتك في تحصيلها أدق من الشعر، وأنت في تدبيرها
أصنع من النحل، تجمع فيها الدر جمع الذر.
يا رفيقا في البله لدود القز،، واعجبا! ما انتفعت بموهبة العقل؟؟!.

فأنت كدود القز ينسج دائما .. ويهلك غما وسط ماهو ناسجه






«‏ يوسف ‏» ‏ العقل ينظر إلى العواقب و«‏ زليخا ‏» ‏ الهوى تتلمح العاجل والعزائم منازل الأبطال والصبر دأب الرجال وإنما رد ‏ «‏ يوسف» عقله وحمل«‏ زليخا ‏»‏ طبعها ولا أقول لك‏:‏ اقلع شجر الطبع من أرض الوضع كيف يمكن وقد قال ‏"‏زُينَ لِلِناسِ حُبُّ الشَهوات‏"‏ وإنما أقول لك‏:‏ دم على المجاهدة في الجسم وكلما نبعت عروق الهوى فاقطع وكلما كل ما به تقطع فاشحذ واقنع بساحة الذل فعند المسجون شغل من ‏الرياض ‏ ‏ ..
ويحك اترك وأنت تهوى‏.



** إياك والذنوب فإنها أذلت أباك بعد عز ‏(‏اِسجدوا‏)‏ وأخرجته من أقطار ‏(‏اسكُن‏)‏
** ارحموا قدح أُريد انكساره فسلّم إلى مرتعش لو لم تذنبوا

** لو رأيتهم..
إن ناموا توسدوا أذرع الهمم وإن قاموا فعلى أقدام القلق كأن النوم حلف على جفاء أجفانهم: هَذا رِضاكَ نَفى نَومي فأَرَقَني فَكَيفَ يا أَمَلي إِن كُنتَ غَضبانا


** يا هذا‏:‏ بدل اهتمامك بك واسرق منك لك فالعمر قليل، تظلّم إلى ربك منك واستنصر خالقك عليك يأمرك بالجد وأنت على الضدّ‏.‏

** هيهات أن يخشع طرف ما قوّمه محتسب ‏(‏يَغُضوا‏)‏ وأن يحضر قلب ما أزعجه تخويف ‏(يَعلَمُ السِرَ وَأَخفى)‏.‏

** ويحك إنما تعجب الدنيا من لا فهم له، كما أن أضغاث الأحلام تسر النائم فأما العاقل فلا يغتر‏.‏

** يا هذا‏:‏ الدنيا وراءك والأخرى أمامك والطلب لما وراء هزيمة وإنما العزيمة في الإقدام

** إخواني‏:‏ من أفسد حسابه بالخيانة استحيا من عرض الدستور من توسخت ثياب معاملته بالمعاصي لم يقرب من المقربين من سودت الذنوب وجه جاهه ذل بين الأكرمين

** والله لو بعت لحظة من خلوة بنا بتعمير ‏"نوح‏"‏ في ملك ‏"قارون‏"‏ لغبنت لا بل بما في الجنان كلها ما ربحت ومن ذاق عرف‏.‏

** فالصبر الصبر أيها المحارب ولا تخف من كمين ‏(‏وَاستَفزِز‏)‏ ما دام لك مدد (‏يُثَبِتُ اللَهُ الَّذَينَ آَمَنوا)

** للعزائم رجال ليسوا في ثيابكم وطنوا النفوس على الموت فحصلت الحياة‏.‏

** إن كانت لك عزيمة فليس في لغة أولي العزم ربما وعسى‏.‏
لَيسَ عَزماً ما مَرِض القَلبُ فيه .... لَيس هَماً ما عاقَ عَنهُ الظَلامُ

** إذا كان عمرك في إدبار والموت في إقبال فما أسرع الملتقى

** رب ذنب أدخل صاحبه الجنة إذا صدق التائب قلبت الأمارة مطمئنة

** يا أيها المذنب‏:‏ إذا أشكل عليك أمر فليفصح لك دمعك‏.‏

** الدنيا سوق فيها ضجيج الشهوات فإذا اشتغلت بها فمن يسمع المواعظ

** ويحك قد بقي القليل فاستدرك ذبالة السراج أما يزعجك صوت الحادي أما يؤلمك سوط السائق لَهَفي عَلى غَفَلاتِ أَيامٍ مَضَت عَني وَما لَهَفي بِراجِعٍ ما مَضى‏.‏

** إياك والذنوب فلو لم يكن فيها إلا كراهة اللقاء كفى عقوبة‏.‏

** إذا كان القلب نقيا ضج لحدوث المعصية فإذا تكررت مرت عليه ولم ينكر كانت الخطيئة عنده غريبة فاستوحش فلما صارت بليد الطبع لم ينفر‏.‏

** يا جرحى الذنوب قد عرفتهم المراهم إن لم تقدروا على أجرة نائحة فنسكوا رؤوس الندم فما يخفى صاحب المصيبة فإن فاتكم عز خذوا دليل العزم إن لم تعرفوا سبيل الوصول فلعل حيرة الطالب توقعه على ماء ‏"‏ مدين ‏"‏ سيروا في بوادي الدجى وأنيخوا بوادي الذل في كسر الإنكسار وأصيخوا بأسماع اليقظة لعل حداء الواصلين تحرك أطراب القلوب لا بل ربما عوق السائرون لوصول المنقطع فكم قد صار في الرعيل الأول من كان في الساقة لا تملوا الوقوف ولو طردتم ولا تقطعوا الإعتذار وإن رددتم فإن فتح باب للواصلين دونكم اهجموا هجوم الكدائين ونكسوا رؤوس الفقر وابسطوا أكف ‏(‏وَتصَدَق عَلَينا‏)‏ لعل هاتف القبول يقول‏:‏ ‏(‏لا تَثريبَ عَلَيكُم‏)‏‏.‏

** بِدمِ المُحِبِ يُباعُ وَصلُهُمُ ..... فَمَن ذا الَّذي يَبتاعُ بالسِّعرِ

** صاح بالصحابة واعظ (اِقتَرَبَ لِلناسِ حِسابُهُم)‏ فجزعت للخوف قلوب فجرت للحزن عيون ‏(فَسالَت أَودِيَةُ بِقَدَرِها)‏‏.‏. وأنت تسمع القرآن لكن لا كما سمعوه‏

** ارفع بصر التفكر واخفض عين البصيرة فهل رأيت أحسن من هذا الكون
كيف عدمت التفكر مع آلات الفهم وأعميت بصيرتك بعد رؤية الحق

** واعجبا يستقرض المالك قطرة من الدمع وقد خلق سبعة أبحر. ‏(‏لَهُ مُلُكُ السَمَواتِ والأَرض‏)‏ وقد بعث رسالة ‏(‏مَن ذا الذي يُقرِضُ الله‏)‏

** واعجبا يتحبب إليك وهو عنك غني، وتتمقت إليه وأنت إليه فقير، إن تأخرت قربك وإن توانيت عاتبك، ما آثر عليك من المخلوقات شيئا وأنت تؤثر عليه كل شيء!! فنكس رأس الندم قبل العتاب فمالك عن هذا جواب‏

** الربح في ركوب البحر الدر في قعر اليم العلم في ترك النوم الفخر في هجر النفس‏.‏
من يحب العز يدأب إليه فكذا من طلب الدر غاص عليه
لَو قُرِب الدَرُّ عَلى جٌلاّبِهِ ..... ما لَجَّ الغائِصُ في طِلابِهِ
وَلَو أَقامَ لازِماً أَصدافَهُ ..... لَم تَكُنن التَيجانُ في حِسابِهِ
مَن يَعشَق العَلياءَ يَلِق عِندَها ..... ما لَقي المُحِبُّ مِن أَحبابِهِ

** يا نائما طول الليل‏:‏ سارت الرفقة طلعت شمس الشيب وما انتهت الرقدة لو قمت وقت السحر رأيت طريق العباد قد غص بالزحام ولو وردت ماء مدين وجدت عليه أمة من الناس يسقون‏.‏

** يا هذا‏:‏ أعرَفُ أدلتك بالطريق قلبك وأجهل الكل بالسبيل نفسك فسر على وفاق القلب لا على مراد النفس‏.‏

** واعجبا‏!‏‏!‏ قوسك مكسورة بالزلل ووترك مقطوع بالكسل فكيف تناول صدر الغرض إذا أردت العلو فارتق درج التقوى وإن شئت العز فضع جبهة التواضع وإن آثرت الرياسة فارفع قواعد الإخلاص فوالله ما تحصل المناصب بالمنى‏.‏

** إنما يبكي المذنب على ديار قد عمرها بالتقوى كيف أخربتها الذنوب

** يا من كان له قلب‏:‏ أين قلبك؟
إن كنت فقدت قلبك فلا تيأس من وجوده‏.‏ ‏

** واعجبا‏!‏‏!‏ لقد رجل القوم وتخلف أهل السنة والنوم خلت البقاع من الأحباب وتبدلت العمارة بالخراب‏.‏
يا دِيارَ الأَحبابِ عِندَكِ خُبرٌ ..... أَين ساروا وَهَل لَهُم مُستَقَرُ

** يا مطرودا ما يشعر بالطرد إنما يجد وقع السياط من له حس تالله لو أقلقك الهجر ما سكنت دار الراحة وليت صوت هذا الهاتف وصل إلى سمع القلب‏.‏

** يا قوام الليل اشفعوا في راقد يا أحياء القلوب ترحموا على ميت

** يا مخذول التواني يا مجدوع الأماني غرق مركب عمرك في بحر الكسل ويحك‏:‏ من لازم المنام لم ير إلا الأحلام متى تفتح عين عزمك فيا طول هذا الكرى أما تستنشق ريح السحر أما تجد برد هواء الفجر أما تعاين ضوء الشيب أما يؤلمك عتاب الدهر‏.‏

** من تفكر في قرب رحيله تشاغل بالتزود ولبئس ما صنع بائع نفسه النفسية بالأعراض الخسيسة‏.‏

** سر في السر على أقدام العزيمة وليكن همك الظفر لا الغنيمة فالعز لا يناله جبان وإنّ أكتب الأقلام الأسنة‏.‏

** انتبه من رقاد الغفلة فقد طلع ضوء الشيب وأسرع في سير الجد فقد رحلت الرفقة وصوت في أودية الأسحار لعلها ترحمك الساقة وتلمح آثار السالكين لعلك تقع على الجادة فإذا لحقت أعراض الركب فقف نفسك على خدمة الإبل فربما دخلت خيمة من أحببت‏.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

مقتطفات رائعة



مقتطفات رائعة من كتاب اللطائف لابن الجوزي


إياك والذنوب فإنها أذلت أباك بعد عز ‏ «‏اِسجدوا‏»
‏ وأخرجته من أقطار«‏اسكُن‏» .‏ ‏ مذ سبى الهوى آدم هوى دام حزنه فخرج أولاده العقلاء محزونين وأولاده السبايا أذلة. أعظم الظلمة ما تقدمها ضوء وأصعب الهجر ما سبقه وصل واشد عذاب المحب تذكاره وقت القرب .. كان حين إخراجه لا تمشي قدمه والعجب كيف خطا‏.



سابقة الأزل قضت لقوم بدليل ‏(‏سَبَقَت‏)‏ وعلى قوم بدليل ‏(‏غَلَبَت عَلَينا شِقوَتُنا‏)‏ فواأسفا أين المفر توفيق ‏(‏سَبَقَت‏)‏ نور قلوب الجن ‏(‏فَقالوا إِنّا سَمِعنا قُرآناً عَجَبا‏)‏ وخذلان ‏(‏غَلَبَت‏)‏ أعمى بصائر قريش فقالوا ‏(‏أَساطيرُ الأَولين‏) .‏ أهل الشمال في جانب جنون البعد وأهل اليمين في مهب شمال القرب ما نفعت عبادة ‏"‏ إبليس ‏"‏ و ‏"‏ بلعام ‏"‏ ولا ضر عناد السحرة‏.‏



سفر الليل لا يطيقه إلا مضمر المجاعة تجتمع جنود الكسل فتتشبث بذيل التواني فتزين حب النوم وتزخرف طيب الفراش وتخوف برد الماء فإذا ثارت شعلة من نار الحزم أضاءت بها طريق القصد فسمعت أذن اليقين هاتف‏:‏ هل من سائل نفس المحب في الليل على آخر نفس وفي المتعبدين قوة ‏( ‏ وهم يستغفرون).



صراخ الأطفال غير بكاء الرجال .. سهر الليل هودج الأحباب .. يوقظ نسيم الأسحار أعين ذوق الأخطار فلو رأيتهم وَقَد لاحَت *******ُ وَأنحَدَرَ النَّسرُ قد افترشوا بساط ‏ «‏ قيس ‏» وباتوا بليل «‏ النابغة ‏»
هَذا رِضاكَ نَفى نَومي فأَرَقَني فَكَيفَ يا أَمَلي إِن كُنتَ غَضبانا.
مازالوا على مطايا الأقدام إلى أن نم النسيم بالسحر وقام الصارخ ينعي الظلام فلما تمخض الدجى بحمل السحر تساندوا إلى رواحل الإستغفار‏.‏ وباتوا بليل ‏ ‏ إن ناموا توسدوا أذرع الهمم وإن قاموا فعلى أقدام القلق كأن النوم حلف على جفاء أجفانهم.





يا مؤخر توبته بمطل التسويف ‏(‏لأَي يَومٍ اُجِلَت‏)‏ كنت تقول‏:‏ إذا شبت تبت‏.‏
فهذي شهور الصيف عنا قد انقضت لو كان لسيف عن عزيمتك جوهرية لقيك موت الهوى تحت ظبته‏.‏
كل يوم تضع قاعدة الإنابة ولكن على شفا جرف كلما صدقت لك في التوبة رغبة حملت عليها جنود الهوى حملة فانهزمت إذبح حنجرة بالهوى بسكين العزيمة فما دام الهوى حيا فلا تأمن من قلب قلبك‏.‏
اجعل بكاءك في الدجى شفيعا في الزلل فزند الشفيع توري نار النجاح‏.‏
اكتب بمداد الدمع حسن الظن إلى من يحققه ولا تقنع في توبتك إلا بمكابدة حزن ‏"‏ يعقوب ‏"‏ أو بصبر ‏"‏ يوسف ‏"‏ عن الهوى فإن لم تطق فبذل إخوته يوم ‏(‏وَتَصَدق عَلَينا‏)‏‏.‏




مجاهدة النفس يا مقهورا بغلبة النفس صل عليها بسوط العزيمة فإنها إن عرفت جدك اِستأسرت لك وامنعها ملذوذ مباحها ليقع الإصطلاح على ترك الحرام فإذا صبرت على ترك المباح «‏فَإِما مناً بَعدُ وَإِما فِداء‏» ‏ الدنيا والشيطان خارجان عنك والنفس عدو مباطن ومن أدب الجهاد ‏ «‏قاتِلوا الَّذَينَ يَلونَكُم‏» ‏ إِن مالَت إٍلى الشَهوات فاكبِحها بِلِجامِ التَقوى وإِن أعرضت عن الطاعات فسقها بسوط المجاهدة وإن استحلت شراب التواني واستحسنت ثوب البطالة فصح عليها بصوت العزم‏.‏


واعجبا من أهل الرياء‏!‏ على من يبهرجون ‏(‏وَرَبُكَ يَعلَمُ ما تَكِنُ صُدورُهُم‏)‏ غلب على المخلصين الخشوع فجاء المرائي يبهرج فقيل‏:‏
مهلا فالناقد بصير لما أخذ دود القز ينسج جاء العنكبوت يتشبه فنادى لسان الحال الفاروق‏:‏
إِذا اِشتَبهت دُموعُ في خُدودٍ تَبينَّ مَن بَكى مِمَّن تَباكى.‏





الإخلاص مسك مصون في مسك القلب، ينبه ريحه على حامله، العمل صورة، والإخلاص روح، إذا لم تخلص فلا تتعب، لو قطعت سائر المنازل لم تكن حاجا إلا بشهود الموقف، ولا تغتر بصورة الطاعات،فإن خصم الإخلاص إذا جاء عند حاكم الجزاء ألزم الحبس عن القبول. سوق الإخلاص رائجة رابحة ليس فيها كساد، المخلص يعد طاعاته لاحتقارها عرضا، وقلم القبول قد أثبتها في حيز الجوهر، المخلص مبهرج على الحق بستر الحال، وببهرجته يصح النقد.



كما من مراء يتعب في تهجده فتفض ريح الرياء أوراق تعبده فتبقى أغصان العمل كالسلا وليس للشوك نسيم ‏(‏فَلَو صَدَقوا اللَهَ لَكانَ خَيرا لَهُم‏)‏‏.‏



من رأى تصرف الدهر انتبه، أما في الغير عبر، مهد الطفل عنوان اللحد، ريح نقع الأجل يقشع غيم الأمل، الشباب باكورة الحياة، والشيب رداء الردى، لو أن أيام الشباب تباع لبذلنا فيها أنفس الأنفس، متى أسفر صبح المشيب هوى نجم الهوى، إذا قرع المرء بباب الكهولة فقد استأذن على البلى، من عرف الستين أنكر نفسه، من بلغ السبعين اختلفت إليه رسل المنية.





فقرك من الخير مشوب بالكسل ومتى كان الفقير كسلان فلا وجه للغنى لو كانت لك أنفة من التواني لخرجت من ربقة الذل بعت قيام الليل بفضل لقمة شربت كأس النعاس ففاتتك رفقة ‏(‏تَتَجافَى جُنُوبُهُم‏)‏ امتلأت طعاما فإذا غريم الفراش يتقاضاك بدين النوم فضرب على أذنك لا في موافقة أهل الكهف تناولت خمر الرقاد فوقع بك صاحب الشرطة فعمل في حقك بمقتضى أنم وأرقم فجعل حدك الحبس عن قيام الليل فخرج على توقيع قصتك وقت الفجر ‏(‏رَضوا بِأَن يَكونُوا مَعَ الخوالِف‏)‏‏.‏




يا تائها في ظلمة ظلمه ياموغلا في مفازة تيهه يا باحثا عن مدية حتفه يا حافرا زبية هلاكه يا معمقا مهواة مصرعه بئسما اخترت لأحب الأنفس إليك‏.‏
ويحك‏!‏ تلمح الجادة فأنت في ظلال عين أملك ترى المحبوب وتعمى عن المكاره إذا كان عمرك في إدبار والموت في إقبال فما أسرع الملتقى كيف يبقى على حالته من يعمل الدهر في إحالته كيف تطيب الدنيا لمن لا يأمن الموت ساعة ولا يكتمل له سرور يوم كم قرع الزمان بوعظه فما سمعت ‏(‏لِيُنذِرَ مَن كانَ حَياً‏)‏ صاح ديك الإيقاظ في سحر ليل العبر فما تيقظت فتنبه إذا نعق غراب البين بين البين‏.‏




يا مؤثرا ما يفني على ما يبقى هذا رأي طبعك هلا استشرت عقلك لتسمع أنصح النصائح من كان دليله البوم كان مأواه الخراب‏.‏
ويحك‏!‏ شهوات الدنيا أحلام يزخر منها نوم الغفلة ونظر الجاهل لا يتعدى سور الهوى ولا يخرق حجاب الغفلة فأما ذو الفهم فيرى ما وراء الستر لاحت الشهوات لأعين الطباع فغمض عنها ‏(‏الَّذَينَ يُؤمِنونَ بالغَيب‏)‏ فوقع أكثر الخلق في التيه والقوم ‏(‏عَلى هُدى مِن رَبِهِم‏)‏‏.‏




حل الصالحون وفي القوم تثبط تالله لقد علموا شرف المقصد ولكن بعدت عليهم الشقة واأسفا‏!‏ لو عرفوا عمن انقطعوا لتقطعوا يصبحون في جمع الحكام ويبيتون على فراش الآثام وينفقون في الهوى بضائع الأيام ‏(‏أَولَئِكَ الَّذَينَ اِشتَروا الضَلالَةَ بِالهُدى‏)‏ سلمت إليهم أموال الأعمار فأنفقوها في ديار البطالة ‏(‏فَما رَبِحَت تِجارَتُهُم‏)‏ هذا والعبر تصيح ‏(‏فَهَل يَنتَظِرونَ إِلا مِثلُ أَيامِ الَّذَينَ خَلَوا مِن قَبلِهِم‏)‏ غير أن المسامع قد تملكها الصمم ويحهم‏!‏‏!‏ هلا تدبروا فساد رأي أمل ‏(‏وَأَن عَسى أَن يكونَ قَد اِقترَبَ أَجَلُهُم‏)‏ إن في الماضي للمقيم عبرة وليس المرء من غده على ثقة ولا العمر إذا مر يعود وغواري الليالي في ضمان الإرتجاع والدهر يسير بالمقيم فاشتر نفسك والسوق قائمة والثمن موجود ولا تسمعن حديث التسويف‏.‏




العاقل من استعد لما يجوز وقوعه كيف يغفل عما لا بد من كونه؟؟ زمن التردد قصير لا يحتمل التسويف.واعجبا لعمر لو ملىء بالزاد خيف عليه العوز، فكيف إذا تناهبته أيدي البطالة.واعجباه لمن ينشد وقد أضل نفسه، ولمن يشفق أن ينفق دراهمه وقد ضيع عمره.
كان "ثلاج" لا معاش له سوى بيع الثلج، فبقي عنده منه شيء، لم ينفق، فجعل يقول في مناداته:

ارحموا من يذوب رأسه ماله.
تطلب نيل العلى وما ارتقيت درج المجاهدة أتروم الحصاد ولم تبذر لولا إيثار ‏ «‏ يوسف ‏» «‏السِجنُ أَحبُ إِليّ‏» ‏ ماخرج إلى راحة ‏ «‏وَكَذلِكَ مَكَنَّا‏» .




لما قوم المؤمنون أنفسهم بالرياضة وقع عقد«‏إِنّ اللَهَ اِشتَرى مِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم بِأَنّ لَهُم الجَنَة‏» .
النفس لم ترض إذا لم ترض لأنها كلب عقور وإنما يراد الصيود لا العضوض‏.‏




إخواني ارفضوا الدنيا فقد رفضت من كان أشغف بها منكم اتعظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتعظ بكم من بعدكم الدنيا خمر ساعدها تغريد طائر الطبع فاشتد سكر الشاربين ففات موسم الريح ثم بعد الإفاقة يقام الحد فيقيم قائم الحزن ويكفي في الضرب فوت الخير فإذا ماتوا ويحك إن الموت سحاب والشيب وبله ومن بلغ السبعين اشتكى من غير علة والعاقل من أصبح على وجل من قرب الأجل يا هذا‏:‏ الدنيا وراءك والأخرى أمامك والطلب لما وراء هزيمة وإنما العزيمة في الإقدام جاء طوفان الموت فاركب سفن التقى ولا ترافق ‏"‏ كنعان ‏"‏ الأمل ويحك انتبه لإغتنام عمرك فكم يعيش الحيوان حيران‏.‏




يا هذا حب الدنيا أقتل من السم، وشرورها أكثر من النمل، وعين حرصك عليها أبصر من الهدهد،وبطن أملك أعطش من الرمل، وفم شرهك أشرب من الهيم، وإن خضت في حديثها فأنطق من"سحبان" وإن انتقدت دنانيرها فأنسب من "دغفل" حليتك في تحصيلها أدق من الشعر، وأنت في تدبيرها
أصنع من النحل، تجمع فيها الدر جمع الذر.
يا رفيقا في البله لدود القز،، واعجبا! ما انتفعت بموهبة العقل؟؟!.

فأنت كدود القز ينسج دائما .. ويهلك غما وسط ماهو ناسجه






«‏ يوسف ‏» ‏ العقل ينظر إلى العواقب و«‏ زليخا ‏» ‏ الهوى تتلمح العاجل والعزائم منازل الأبطال والصبر دأب الرجال وإنما رد ‏ «‏ يوسف» عقله وحمل«‏ زليخا ‏»‏ طبعها ولا أقول لك‏:‏ اقلع شجر الطبع من أرض الوضع كيف يمكن وقد قال ‏"‏زُينَ لِلِناسِ حُبُّ الشَهوات‏"‏ وإنما أقول لك‏:‏ دم على المجاهدة في الجسم وكلما نبعت عروق الهوى فاقطع وكلما كل ما به تقطع فاشحذ واقنع بساحة الذل فعند المسجون شغل من ‏الرياض ‏ ‏ ..
ويحك اترك وأنت تهوى‏.



** إياك والذنوب فإنها أذلت أباك بعد عز ‏(‏اِسجدوا‏)‏ وأخرجته من أقطار ‏(‏اسكُن‏)‏
** ارحموا قدح أُريد انكساره فسلّم إلى مرتعش لو لم تذنبوا

** لو رأيتهم..
إن ناموا توسدوا أذرع الهمم وإن قاموا فعلى أقدام القلق كأن النوم حلف على جفاء أجفانهم: هَذا رِضاكَ نَفى نَومي فأَرَقَني فَكَيفَ يا أَمَلي إِن كُنتَ غَضبانا


** يا هذا‏:‏ بدل اهتمامك بك واسرق منك لك فالعمر قليل، تظلّم إلى ربك منك واستنصر خالقك عليك يأمرك بالجد وأنت على الضدّ‏.‏

** هيهات أن يخشع طرف ما قوّمه محتسب ‏(‏يَغُضوا‏)‏ وأن يحضر قلب ما أزعجه تخويف ‏(يَعلَمُ السِرَ وَأَخفى)‏.‏

** ويحك إنما تعجب الدنيا من لا فهم له، كما أن أضغاث الأحلام تسر النائم فأما العاقل فلا يغتر‏.‏

** يا هذا‏:‏ الدنيا وراءك والأخرى أمامك والطلب لما وراء هزيمة وإنما العزيمة في الإقدام

** إخواني‏:‏ من أفسد حسابه بالخيانة استحيا من عرض الدستور من توسخت ثياب معاملته بالمعاصي لم يقرب من المقربين من سودت الذنوب وجه جاهه ذل بين الأكرمين

** والله لو بعت لحظة من خلوة بنا بتعمير ‏"نوح‏"‏ في ملك ‏"قارون‏"‏ لغبنت لا بل بما في الجنان كلها ما ربحت ومن ذاق عرف‏.‏

** فالصبر الصبر أيها المحارب ولا تخف من كمين ‏(‏وَاستَفزِز‏)‏ ما دام لك مدد (‏يُثَبِتُ اللَهُ الَّذَينَ آَمَنوا)

** للعزائم رجال ليسوا في ثيابكم وطنوا النفوس على الموت فحصلت الحياة‏.‏

** إن كانت لك عزيمة فليس في لغة أولي العزم ربما وعسى‏.‏
لَيسَ عَزماً ما مَرِض القَلبُ فيه .... لَيس هَماً ما عاقَ عَنهُ الظَلامُ

** إذا كان عمرك في إدبار والموت في إقبال فما أسرع الملتقى

** رب ذنب أدخل صاحبه الجنة إذا صدق التائب قلبت الأمارة مطمئنة

** يا أيها المذنب‏:‏ إذا أشكل عليك أمر فليفصح لك دمعك‏.‏

** الدنيا سوق فيها ضجيج الشهوات فإذا اشتغلت بها فمن يسمع المواعظ

** ويحك قد بقي القليل فاستدرك ذبالة السراج أما يزعجك صوت الحادي أما يؤلمك سوط السائق لَهَفي عَلى غَفَلاتِ أَيامٍ مَضَت عَني وَما لَهَفي بِراجِعٍ ما مَضى‏.‏

** إياك والذنوب فلو لم يكن فيها إلا كراهة اللقاء كفى عقوبة‏.‏

** إذا كان القلب نقيا ضج لحدوث المعصية فإذا تكررت مرت عليه ولم ينكر كانت الخطيئة عنده غريبة فاستوحش فلما صارت بليد الطبع لم ينفر‏.‏

** يا جرحى الذنوب قد عرفتهم المراهم إن لم تقدروا على أجرة نائحة فنسكوا رؤوس الندم فما يخفى صاحب المصيبة فإن فاتكم عز خذوا دليل العزم إن لم تعرفوا سبيل الوصول فلعل حيرة الطالب توقعه على ماء ‏"‏ مدين ‏"‏ سيروا في بوادي الدجى وأنيخوا بوادي الذل في كسر الإنكسار وأصيخوا بأسماع اليقظة لعل حداء الواصلين تحرك أطراب القلوب لا بل ربما عوق السائرون لوصول المنقطع فكم قد صار في الرعيل الأول من كان في الساقة لا تملوا الوقوف ولو طردتم ولا تقطعوا الإعتذار وإن رددتم فإن فتح باب للواصلين دونكم اهجموا هجوم الكدائين ونكسوا رؤوس الفقر وابسطوا أكف ‏(‏وَتصَدَق عَلَينا‏)‏ لعل هاتف القبول يقول‏:‏ ‏(‏لا تَثريبَ عَلَيكُم‏)‏‏.‏

** بِدمِ المُحِبِ يُباعُ وَصلُهُمُ ..... فَمَن ذا الَّذي يَبتاعُ بالسِّعرِ

** صاح بالصحابة واعظ (اِقتَرَبَ لِلناسِ حِسابُهُم)‏ فجزعت للخوف قلوب فجرت للحزن عيون ‏(فَسالَت أَودِيَةُ بِقَدَرِها)‏‏.‏. وأنت تسمع القرآن لكن لا كما سمعوه‏

** ارفع بصر التفكر واخفض عين البصيرة فهل رأيت أحسن من هذا الكون
كيف عدمت التفكر مع آلات الفهم وأعميت بصيرتك بعد رؤية الحق

** واعجبا يستقرض المالك قطرة من الدمع وقد خلق سبعة أبحر. ‏(‏لَهُ مُلُكُ السَمَواتِ والأَرض‏)‏ وقد بعث رسالة ‏(‏مَن ذا الذي يُقرِضُ الله‏)‏

** واعجبا يتحبب إليك وهو عنك غني، وتتمقت إليه وأنت إليه فقير، إن تأخرت قربك وإن توانيت عاتبك، ما آثر عليك من المخلوقات شيئا وأنت تؤثر عليه كل شيء!! فنكس رأس الندم قبل العتاب فمالك عن هذا جواب‏

** الربح في ركوب البحر الدر في قعر اليم العلم في ترك النوم الفخر في هجر النفس‏.‏
من يحب العز يدأب إليه فكذا من طلب الدر غاص عليه
لَو قُرِب الدَرُّ عَلى جٌلاّبِهِ ..... ما لَجَّ الغائِصُ في طِلابِهِ
وَلَو أَقامَ لازِماً أَصدافَهُ ..... لَم تَكُنن التَيجانُ في حِسابِهِ
مَن يَعشَق العَلياءَ يَلِق عِندَها ..... ما لَقي المُحِبُّ مِن أَحبابِهِ

** يا نائما طول الليل‏:‏ سارت الرفقة طلعت شمس الشيب وما انتهت الرقدة لو قمت وقت السحر رأيت طريق العباد قد غص بالزحام ولو وردت ماء مدين وجدت عليه أمة من الناس يسقون‏.‏

** يا هذا‏:‏ أعرَفُ أدلتك بالطريق قلبك وأجهل الكل بالسبيل نفسك فسر على وفاق القلب لا على مراد النفس‏.‏

** واعجبا‏!‏‏!‏ قوسك مكسورة بالزلل ووترك مقطوع بالكسل فكيف تناول صدر الغرض إذا أردت العلو فارتق درج التقوى وإن شئت العز فضع جبهة التواضع وإن آثرت الرياسة فارفع قواعد الإخلاص فوالله ما تحصل المناصب بالمنى‏.‏

** إنما يبكي المذنب على ديار قد عمرها بالتقوى كيف أخربتها الذنوب

** يا من كان له قلب‏:‏ أين قلبك؟
إن كنت فقدت قلبك فلا تيأس من وجوده‏.‏ ‏

** واعجبا‏!‏‏!‏ لقد رجل القوم وتخلف أهل السنة والنوم خلت البقاع من الأحباب وتبدلت العمارة بالخراب‏.‏
يا دِيارَ الأَحبابِ عِندَكِ خُبرٌ ..... أَين ساروا وَهَل لَهُم مُستَقَرُ

** يا مطرودا ما يشعر بالطرد إنما يجد وقع السياط من له حس تالله لو أقلقك الهجر ما سكنت دار الراحة وليت صوت هذا الهاتف وصل إلى سمع القلب‏.‏

** يا قوام الليل اشفعوا في راقد يا أحياء القلوب ترحموا على ميت

** يا مخذول التواني يا مجدوع الأماني غرق مركب عمرك في بحر الكسل ويحك‏:‏ من لازم المنام لم ير إلا الأحلام متى تفتح عين عزمك فيا طول هذا الكرى أما تستنشق ريح السحر أما تجد برد هواء الفجر أما تعاين ضوء الشيب أما يؤلمك عتاب الدهر‏.‏

** من تفكر في قرب رحيله تشاغل بالتزود ولبئس ما صنع بائع نفسه النفسية بالأعراض الخسيسة‏.‏

** سر في السر على أقدام العزيمة وليكن همك الظفر لا الغنيمة فالعز لا يناله جبان وإنّ أكتب الأقلام الأسنة‏.‏

** انتبه من رقاد الغفلة فقد طلع ضوء الشيب وأسرع في سير الجد فقد رحلت الرفقة وصوت في أودية الأسحار لعلها ترحمك الساقة وتلمح آثار السالكين لعلك تقع على الجادة فإذا لحقت أعراض الركب فقف نفسك على خدمة الإبل فربما دخلت خيمة من أحببت‏.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

مقتطفات رائعة



مقتطفات رائعة من كتاب اللطائف لابن الجوزي


إياك والذنوب فإنها أذلت أباك بعد عز ‏ «‏اِسجدوا‏»
‏ وأخرجته من أقطار«‏اسكُن‏» .‏ ‏ مذ سبى الهوى آدم هوى دام حزنه فخرج أولاده العقلاء محزونين وأولاده السبايا أذلة. أعظم الظلمة ما تقدمها ضوء وأصعب الهجر ما سبقه وصل واشد عذاب المحب تذكاره وقت القرب .. كان حين إخراجه لا تمشي قدمه والعجب كيف خطا‏.



سابقة الأزل قضت لقوم بدليل ‏(‏سَبَقَت‏)‏ وعلى قوم بدليل ‏(‏غَلَبَت عَلَينا شِقوَتُنا‏)‏ فواأسفا أين المفر توفيق ‏(‏سَبَقَت‏)‏ نور قلوب الجن ‏(‏فَقالوا إِنّا سَمِعنا قُرآناً عَجَبا‏)‏ وخذلان ‏(‏غَلَبَت‏)‏ أعمى بصائر قريش فقالوا ‏(‏أَساطيرُ الأَولين‏) .‏ أهل الشمال في جانب جنون البعد وأهل اليمين في مهب شمال القرب ما نفعت عبادة ‏"‏ إبليس ‏"‏ و ‏"‏ بلعام ‏"‏ ولا ضر عناد السحرة‏.‏



سفر الليل لا يطيقه إلا مضمر المجاعة تجتمع جنود الكسل فتتشبث بذيل التواني فتزين حب النوم وتزخرف طيب الفراش وتخوف برد الماء فإذا ثارت شعلة من نار الحزم أضاءت بها طريق القصد فسمعت أذن اليقين هاتف‏:‏ هل من سائل نفس المحب في الليل على آخر نفس وفي المتعبدين قوة ‏( ‏ وهم يستغفرون).



صراخ الأطفال غير بكاء الرجال .. سهر الليل هودج الأحباب .. يوقظ نسيم الأسحار أعين ذوق الأخطار فلو رأيتهم وَقَد لاحَت *******ُ وَأنحَدَرَ النَّسرُ قد افترشوا بساط ‏ «‏ قيس ‏» وباتوا بليل «‏ النابغة ‏»
هَذا رِضاكَ نَفى نَومي فأَرَقَني فَكَيفَ يا أَمَلي إِن كُنتَ غَضبانا.
مازالوا على مطايا الأقدام إلى أن نم النسيم بالسحر وقام الصارخ ينعي الظلام فلما تمخض الدجى بحمل السحر تساندوا إلى رواحل الإستغفار‏.‏ وباتوا بليل ‏ ‏ إن ناموا توسدوا أذرع الهمم وإن قاموا فعلى أقدام القلق كأن النوم حلف على جفاء أجفانهم.





يا مؤخر توبته بمطل التسويف ‏(‏لأَي يَومٍ اُجِلَت‏)‏ كنت تقول‏:‏ إذا شبت تبت‏.‏
فهذي شهور الصيف عنا قد انقضت لو كان لسيف عن عزيمتك جوهرية لقيك موت الهوى تحت ظبته‏.‏
كل يوم تضع قاعدة الإنابة ولكن على شفا جرف كلما صدقت لك في التوبة رغبة حملت عليها جنود الهوى حملة فانهزمت إذبح حنجرة بالهوى بسكين العزيمة فما دام الهوى حيا فلا تأمن من قلب قلبك‏.‏
اجعل بكاءك في الدجى شفيعا في الزلل فزند الشفيع توري نار النجاح‏.‏
اكتب بمداد الدمع حسن الظن إلى من يحققه ولا تقنع في توبتك إلا بمكابدة حزن ‏"‏ يعقوب ‏"‏ أو بصبر ‏"‏ يوسف ‏"‏ عن الهوى فإن لم تطق فبذل إخوته يوم ‏(‏وَتَصَدق عَلَينا‏)‏‏.‏




مجاهدة النفس يا مقهورا بغلبة النفس صل عليها بسوط العزيمة فإنها إن عرفت جدك اِستأسرت لك وامنعها ملذوذ مباحها ليقع الإصطلاح على ترك الحرام فإذا صبرت على ترك المباح «‏فَإِما مناً بَعدُ وَإِما فِداء‏» ‏ الدنيا والشيطان خارجان عنك والنفس عدو مباطن ومن أدب الجهاد ‏ «‏قاتِلوا الَّذَينَ يَلونَكُم‏» ‏ إِن مالَت إٍلى الشَهوات فاكبِحها بِلِجامِ التَقوى وإِن أعرضت عن الطاعات فسقها بسوط المجاهدة وإن استحلت شراب التواني واستحسنت ثوب البطالة فصح عليها بصوت العزم‏.‏


واعجبا من أهل الرياء‏!‏ على من يبهرجون ‏(‏وَرَبُكَ يَعلَمُ ما تَكِنُ صُدورُهُم‏)‏ غلب على المخلصين الخشوع فجاء المرائي يبهرج فقيل‏:‏
مهلا فالناقد بصير لما أخذ دود القز ينسج جاء العنكبوت يتشبه فنادى لسان الحال الفاروق‏:‏
إِذا اِشتَبهت دُموعُ في خُدودٍ تَبينَّ مَن بَكى مِمَّن تَباكى.‏





الإخلاص مسك مصون في مسك القلب، ينبه ريحه على حامله، العمل صورة، والإخلاص روح، إذا لم تخلص فلا تتعب، لو قطعت سائر المنازل لم تكن حاجا إلا بشهود الموقف، ولا تغتر بصورة الطاعات،فإن خصم الإخلاص إذا جاء عند حاكم الجزاء ألزم الحبس عن القبول. سوق الإخلاص رائجة رابحة ليس فيها كساد، المخلص يعد طاعاته لاحتقارها عرضا، وقلم القبول قد أثبتها في حيز الجوهر، المخلص مبهرج على الحق بستر الحال، وببهرجته يصح النقد.



كما من مراء يتعب في تهجده فتفض ريح الرياء أوراق تعبده فتبقى أغصان العمل كالسلا وليس للشوك نسيم ‏(‏فَلَو صَدَقوا اللَهَ لَكانَ خَيرا لَهُم‏)‏‏.‏



من رأى تصرف الدهر انتبه، أما في الغير عبر، مهد الطفل عنوان اللحد، ريح نقع الأجل يقشع غيم الأمل، الشباب باكورة الحياة، والشيب رداء الردى، لو أن أيام الشباب تباع لبذلنا فيها أنفس الأنفس، متى أسفر صبح المشيب هوى نجم الهوى، إذا قرع المرء بباب الكهولة فقد استأذن على البلى، من عرف الستين أنكر نفسه، من بلغ السبعين اختلفت إليه رسل المنية.





فقرك من الخير مشوب بالكسل ومتى كان الفقير كسلان فلا وجه للغنى لو كانت لك أنفة من التواني لخرجت من ربقة الذل بعت قيام الليل بفضل لقمة شربت كأس النعاس ففاتتك رفقة ‏(‏تَتَجافَى جُنُوبُهُم‏)‏ امتلأت طعاما فإذا غريم الفراش يتقاضاك بدين النوم فضرب على أذنك لا في موافقة أهل الكهف تناولت خمر الرقاد فوقع بك صاحب الشرطة فعمل في حقك بمقتضى أنم وأرقم فجعل حدك الحبس عن قيام الليل فخرج على توقيع قصتك وقت الفجر ‏(‏رَضوا بِأَن يَكونُوا مَعَ الخوالِف‏)‏‏.‏




يا تائها في ظلمة ظلمه ياموغلا في مفازة تيهه يا باحثا عن مدية حتفه يا حافرا زبية هلاكه يا معمقا مهواة مصرعه بئسما اخترت لأحب الأنفس إليك‏.‏
ويحك‏!‏ تلمح الجادة فأنت في ظلال عين أملك ترى المحبوب وتعمى عن المكاره إذا كان عمرك في إدبار والموت في إقبال فما أسرع الملتقى كيف يبقى على حالته من يعمل الدهر في إحالته كيف تطيب الدنيا لمن لا يأمن الموت ساعة ولا يكتمل له سرور يوم كم قرع الزمان بوعظه فما سمعت ‏(‏لِيُنذِرَ مَن كانَ حَياً‏)‏ صاح ديك الإيقاظ في سحر ليل العبر فما تيقظت فتنبه إذا نعق غراب البين بين البين‏.‏




يا مؤثرا ما يفني على ما يبقى هذا رأي طبعك هلا استشرت عقلك لتسمع أنصح النصائح من كان دليله البوم كان مأواه الخراب‏.‏
ويحك‏!‏ شهوات الدنيا أحلام يزخر منها نوم الغفلة ونظر الجاهل لا يتعدى سور الهوى ولا يخرق حجاب الغفلة فأما ذو الفهم فيرى ما وراء الستر لاحت الشهوات لأعين الطباع فغمض عنها ‏(‏الَّذَينَ يُؤمِنونَ بالغَيب‏)‏ فوقع أكثر الخلق في التيه والقوم ‏(‏عَلى هُدى مِن رَبِهِم‏)‏‏.‏




حل الصالحون وفي القوم تثبط تالله لقد علموا شرف المقصد ولكن بعدت عليهم الشقة واأسفا‏!‏ لو عرفوا عمن انقطعوا لتقطعوا يصبحون في جمع الحكام ويبيتون على فراش الآثام وينفقون في الهوى بضائع الأيام ‏(‏أَولَئِكَ الَّذَينَ اِشتَروا الضَلالَةَ بِالهُدى‏)‏ سلمت إليهم أموال الأعمار فأنفقوها في ديار البطالة ‏(‏فَما رَبِحَت تِجارَتُهُم‏)‏ هذا والعبر تصيح ‏(‏فَهَل يَنتَظِرونَ إِلا مِثلُ أَيامِ الَّذَينَ خَلَوا مِن قَبلِهِم‏)‏ غير أن المسامع قد تملكها الصمم ويحهم‏!‏‏!‏ هلا تدبروا فساد رأي أمل ‏(‏وَأَن عَسى أَن يكونَ قَد اِقترَبَ أَجَلُهُم‏)‏ إن في الماضي للمقيم عبرة وليس المرء من غده على ثقة ولا العمر إذا مر يعود وغواري الليالي في ضمان الإرتجاع والدهر يسير بالمقيم فاشتر نفسك والسوق قائمة والثمن موجود ولا تسمعن حديث التسويف‏.‏




العاقل من استعد لما يجوز وقوعه كيف يغفل عما لا بد من كونه؟؟ زمن التردد قصير لا يحتمل التسويف.واعجبا لعمر لو ملىء بالزاد خيف عليه العوز، فكيف إذا تناهبته أيدي البطالة.واعجباه لمن ينشد وقد أضل نفسه، ولمن يشفق أن ينفق دراهمه وقد ضيع عمره.
كان "ثلاج" لا معاش له سوى بيع الثلج، فبقي عنده منه شيء، لم ينفق، فجعل يقول في مناداته:

ارحموا من يذوب رأسه ماله.
تطلب نيل العلى وما ارتقيت درج المجاهدة أتروم الحصاد ولم تبذر لولا إيثار ‏ «‏ يوسف ‏» «‏السِجنُ أَحبُ إِليّ‏» ‏ ماخرج إلى راحة ‏ «‏وَكَذلِكَ مَكَنَّا‏» .




لما قوم المؤمنون أنفسهم بالرياضة وقع عقد«‏إِنّ اللَهَ اِشتَرى مِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم بِأَنّ لَهُم الجَنَة‏» .
النفس لم ترض إذا لم ترض لأنها كلب عقور وإنما يراد الصيود لا العضوض‏.‏




إخواني ارفضوا الدنيا فقد رفضت من كان أشغف بها منكم اتعظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتعظ بكم من بعدكم الدنيا خمر ساعدها تغريد طائر الطبع فاشتد سكر الشاربين ففات موسم الريح ثم بعد الإفاقة يقام الحد فيقيم قائم الحزن ويكفي في الضرب فوت الخير فإذا ماتوا ويحك إن الموت سحاب والشيب وبله ومن بلغ السبعين اشتكى من غير علة والعاقل من أصبح على وجل من قرب الأجل يا هذا‏:‏ الدنيا وراءك والأخرى أمامك والطلب لما وراء هزيمة وإنما العزيمة في الإقدام جاء طوفان الموت فاركب سفن التقى ولا ترافق ‏"‏ كنعان ‏"‏ الأمل ويحك انتبه لإغتنام عمرك فكم يعيش الحيوان حيران‏.‏




يا هذا حب الدنيا أقتل من السم، وشرورها أكثر من النمل، وعين حرصك عليها أبصر من الهدهد،وبطن أملك أعطش من الرمل، وفم شرهك أشرب من الهيم، وإن خضت في حديثها فأنطق من"سحبان" وإن انتقدت دنانيرها فأنسب من "دغفل" حليتك في تحصيلها أدق من الشعر، وأنت في تدبيرها
أصنع من النحل، تجمع فيها الدر جمع الذر.
يا رفيقا في البله لدود القز،، واعجبا! ما انتفعت بموهبة العقل؟؟!.

فأنت كدود القز ينسج دائما .. ويهلك غما وسط ماهو ناسجه






«‏ يوسف ‏» ‏ العقل ينظر إلى العواقب و«‏ زليخا ‏» ‏ الهوى تتلمح العاجل والعزائم منازل الأبطال والصبر دأب الرجال وإنما رد ‏ «‏ يوسف» عقله وحمل«‏ زليخا ‏»‏ طبعها ولا أقول لك‏:‏ اقلع شجر الطبع من أرض الوضع كيف يمكن وقد قال ‏"‏زُينَ لِلِناسِ حُبُّ الشَهوات‏"‏ وإنما أقول لك‏:‏ دم على المجاهدة في الجسم وكلما نبعت عروق الهوى فاقطع وكلما كل ما به تقطع فاشحذ واقنع بساحة الذل فعند المسجون شغل من ‏الرياض ‏ ‏ ..
ويحك اترك وأنت تهوى‏.



** إياك والذنوب فإنها أذلت أباك بعد عز ‏(‏اِسجدوا‏)‏ وأخرجته من أقطار ‏(‏اسكُن‏)‏
** ارحموا قدح أُريد انكساره فسلّم إلى مرتعش لو لم تذنبوا

** لو رأيتهم..
إن ناموا توسدوا أذرع الهمم وإن قاموا فعلى أقدام القلق كأن النوم حلف على جفاء أجفانهم: هَذا رِضاكَ نَفى نَومي فأَرَقَني فَكَيفَ يا أَمَلي إِن كُنتَ غَضبانا


** يا هذا‏:‏ بدل اهتمامك بك واسرق منك لك فالعمر قليل، تظلّم إلى ربك منك واستنصر خالقك عليك يأمرك بالجد وأنت على الضدّ‏.‏

** هيهات أن يخشع طرف ما قوّمه محتسب ‏(‏يَغُضوا‏)‏ وأن يحضر قلب ما أزعجه تخويف ‏(يَعلَمُ السِرَ وَأَخفى)‏.‏

** ويحك إنما تعجب الدنيا من لا فهم له، كما أن أضغاث الأحلام تسر النائم فأما العاقل فلا يغتر‏.‏

** يا هذا‏:‏ الدنيا وراءك والأخرى أمامك والطلب لما وراء هزيمة وإنما العزيمة في الإقدام

** إخواني‏:‏ من أفسد حسابه بالخيانة استحيا من عرض الدستور من توسخت ثياب معاملته بالمعاصي لم يقرب من المقربين من سودت الذنوب وجه جاهه ذل بين الأكرمين

** والله لو بعت لحظة من خلوة بنا بتعمير ‏"نوح‏"‏ في ملك ‏"قارون‏"‏ لغبنت لا بل بما في الجنان كلها ما ربحت ومن ذاق عرف‏.‏

** فالصبر الصبر أيها المحارب ولا تخف من كمين ‏(‏وَاستَفزِز‏)‏ ما دام لك مدد (‏يُثَبِتُ اللَهُ الَّذَينَ آَمَنوا)

** للعزائم رجال ليسوا في ثيابكم وطنوا النفوس على الموت فحصلت الحياة‏.‏

** إن كانت لك عزيمة فليس في لغة أولي العزم ربما وعسى‏.‏
لَيسَ عَزماً ما مَرِض القَلبُ فيه .... لَيس هَماً ما عاقَ عَنهُ الظَلامُ

** إذا كان عمرك في إدبار والموت في إقبال فما أسرع الملتقى

** رب ذنب أدخل صاحبه الجنة إذا صدق التائب قلبت الأمارة مطمئنة

** يا أيها المذنب‏:‏ إذا أشكل عليك أمر فليفصح لك دمعك‏.‏

** الدنيا سوق فيها ضجيج الشهوات فإذا اشتغلت بها فمن يسمع المواعظ

** ويحك قد بقي القليل فاستدرك ذبالة السراج أما يزعجك صوت الحادي أما يؤلمك سوط السائق لَهَفي عَلى غَفَلاتِ أَيامٍ مَضَت عَني وَما لَهَفي بِراجِعٍ ما مَضى‏.‏

** إياك والذنوب فلو لم يكن فيها إلا كراهة اللقاء كفى عقوبة‏.‏

** إذا كان القلب نقيا ضج لحدوث المعصية فإذا تكررت مرت عليه ولم ينكر كانت الخطيئة عنده غريبة فاستوحش فلما صارت بليد الطبع لم ينفر‏.‏

** يا جرحى الذنوب قد عرفتهم المراهم إن لم تقدروا على أجرة نائحة فنسكوا رؤوس الندم فما يخفى صاحب المصيبة فإن فاتكم عز خذوا دليل العزم إن لم تعرفوا سبيل الوصول فلعل حيرة الطالب توقعه على ماء ‏"‏ مدين ‏"‏ سيروا في بوادي الدجى وأنيخوا بوادي الذل في كسر الإنكسار وأصيخوا بأسماع اليقظة لعل حداء الواصلين تحرك أطراب القلوب لا بل ربما عوق السائرون لوصول المنقطع فكم قد صار في الرعيل الأول من كان في الساقة لا تملوا الوقوف ولو طردتم ولا تقطعوا الإعتذار وإن رددتم فإن فتح باب للواصلين دونكم اهجموا هجوم الكدائين ونكسوا رؤوس الفقر وابسطوا أكف ‏(‏وَتصَدَق عَلَينا‏)‏ لعل هاتف القبول يقول‏:‏ ‏(‏لا تَثريبَ عَلَيكُم‏)‏‏.‏

** بِدمِ المُحِبِ يُباعُ وَصلُهُمُ ..... فَمَن ذا الَّذي يَبتاعُ بالسِّعرِ

** صاح بالصحابة واعظ (اِقتَرَبَ لِلناسِ حِسابُهُم)‏ فجزعت للخوف قلوب فجرت للحزن عيون ‏(فَسالَت أَودِيَةُ بِقَدَرِها)‏‏.‏. وأنت تسمع القرآن لكن لا كما سمعوه‏

** ارفع بصر التفكر واخفض عين البصيرة فهل رأيت أحسن من هذا الكون
كيف عدمت التفكر مع آلات الفهم وأعميت بصيرتك بعد رؤية الحق

** واعجبا يستقرض المالك قطرة من الدمع وقد خلق سبعة أبحر. ‏(‏لَهُ مُلُكُ السَمَواتِ والأَرض‏)‏ وقد بعث رسالة ‏(‏مَن ذا الذي يُقرِضُ الله‏)‏

** واعجبا يتحبب إليك وهو عنك غني، وتتمقت إليه وأنت إليه فقير، إن تأخرت قربك وإن توانيت عاتبك، ما آثر عليك من المخلوقات شيئا وأنت تؤثر عليه كل شيء!! فنكس رأس الندم قبل العتاب فمالك عن هذا جواب‏

** الربح في ركوب البحر الدر في قعر اليم العلم في ترك النوم الفخر في هجر النفس‏.‏
من يحب العز يدأب إليه فكذا من طلب الدر غاص عليه
لَو قُرِب الدَرُّ عَلى جٌلاّبِهِ ..... ما لَجَّ الغائِصُ في طِلابِهِ
وَلَو أَقامَ لازِماً أَصدافَهُ ..... لَم تَكُنن التَيجانُ في حِسابِهِ
مَن يَعشَق العَلياءَ يَلِق عِندَها ..... ما لَقي المُحِبُّ مِن أَحبابِهِ

** يا نائما طول الليل‏:‏ سارت الرفقة طلعت شمس الشيب وما انتهت الرقدة لو قمت وقت السحر رأيت طريق العباد قد غص بالزحام ولو وردت ماء مدين وجدت عليه أمة من الناس يسقون‏.‏

** يا هذا‏:‏ أعرَفُ أدلتك بالطريق قلبك وأجهل الكل بالسبيل نفسك فسر على وفاق القلب لا على مراد النفس‏.‏

** واعجبا‏!‏‏!‏ قوسك مكسورة بالزلل ووترك مقطوع بالكسل فكيف تناول صدر الغرض إذا أردت العلو فارتق درج التقوى وإن شئت العز فضع جبهة التواضع وإن آثرت الرياسة فارفع قواعد الإخلاص فوالله ما تحصل المناصب بالمنى‏.‏

** إنما يبكي المذنب على ديار قد عمرها بالتقوى كيف أخربتها الذنوب

** يا من كان له قلب‏:‏ أين قلبك؟
إن كنت فقدت قلبك فلا تيأس من وجوده‏.‏ ‏

** واعجبا‏!‏‏!‏ لقد رجل القوم وتخلف أهل السنة والنوم خلت البقاع من الأحباب وتبدلت العمارة بالخراب‏.‏
يا دِيارَ الأَحبابِ عِندَكِ خُبرٌ ..... أَين ساروا وَهَل لَهُم مُستَقَرُ

** يا مطرودا ما يشعر بالطرد إنما يجد وقع السياط من له حس تالله لو أقلقك الهجر ما سكنت دار الراحة وليت صوت هذا الهاتف وصل إلى سمع القلب‏.‏

** يا قوام الليل اشفعوا في راقد يا أحياء القلوب ترحموا على ميت

** يا مخذول التواني يا مجدوع الأماني غرق مركب عمرك في بحر الكسل ويحك‏:‏ من لازم المنام لم ير إلا الأحلام متى تفتح عين عزمك فيا طول هذا الكرى أما تستنشق ريح السحر أما تجد برد هواء الفجر أما تعاين ضوء الشيب أما يؤلمك عتاب الدهر‏.‏

** من تفكر في قرب رحيله تشاغل بالتزود ولبئس ما صنع بائع نفسه النفسية بالأعراض الخسيسة‏.‏

** سر في السر على أقدام العزيمة وليكن همك الظفر لا الغنيمة فالعز لا يناله جبان وإنّ أكتب الأقلام الأسنة‏.‏

** انتبه من رقاد الغفلة فقد طلع ضوء الشيب وأسرع في سير الجد فقد رحلت الرفقة وصوت في أودية الأسحار لعلها ترحمك الساقة وتلمح آثار السالكين لعلك تقع على الجادة فإذا لحقت أعراض الركب فقف نفسك على خدمة الإبل فربما دخلت خيمة من أحببت‏.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق